هل تدفع تداعيات الحرب في أوكرانيا لتأجيل الانتخابات في لبنان؟
واشنطن تسعى لخلق كتلة نيابية مستقلة.. ما علاقة تعديل الدستور؟
تتزايد الشكوك بإنجاز الاستحقاق الانتخابي على مسافة شهرين ونصف من موعده المقرر في أيار المقبل، وتعُجّ الكواليس السياسية بسيناريوات لتأجيل الانتخابات، رغم إعلان معظم الأطراف السياسية التزامها بإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري بالتوازي مع ضغط دولي في هذا السياق.
مصادر سياسية مطلعة كشفت لـ”أحوال” عن توجه لتأجيل الانتخابات لأسباب عدة تتوزع بين قانونية ولوجستية ومالية وأمنية في ظل الخلاف حول موضوع اعتماد “الميغاسنتير” والدوائر المخصصة للمغتربين، إذ يصر التيار الوطني الحر بحسب ما تشير أوساطه لـ”أحوال” على إدخال هذين البندين في قانون الانتخاب مقابل رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتل نيابية أخرى كالمستقبل والحزب الاشتراكي أي تعديل يطال قانون الانتخاب.
كما كشفت المصادر السياسية أن بعض المراجع تناقشت في الملف الانتخابي ومدى القدرة والامكانات التي تملكها الدولة لاجراء الانتخابات في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد على كافة الصعد، لكن الإشكالية تكمن في الذريعة التي سيقدمها المجلس النيابي لتأجيل الانتخابات والتمديد لنفسه ويخرج بها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
واللافت بحسب المصادر هو الجمود وعدم الحماسة الذي يطغى على النشاط الانتخابي لدى مختلف الأطراف السياسية لجهة الترشح والماكينات الانتخابية والتحالفات التي لازالت كلها طيّ الكتمان. فكل طرف ينتظر الآخر لكي يبادر لاعلان مرشحية وتحديد تحالفاته الانتخابية لكي يبني على الشيئ مقتضاه، ما يجعل المشهد الانتخابي مجهولاً.. وما يزيد الغموض والارباك هو انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن العملية الانتخابية والسياسية، ما يدفع قوى حليفة للحريري للعمل على تأجيل الانتخابات بما يضمن مصالحها ويحول دون تكبدها خسائر تؤثر على مواقعها في المعادلة السياسية. لا سيما وأن المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية الجديد ما يجل الانتخابات المقبلة مصيرية وحاسمة لجهة رسم شكل وهوية المؤسسات الدستورية الأساسية كرئاسة الجمهورية والحكومة وبالتالي المشهد السياسي برمته.
كما اقترحت أحد الجهات السياسية بحسب المصادر قذف موعد الانتخابات لفترة تتراوح بين ستة أشهر وعام، ويجري البحث عن تسوية سياسية تشمل انتخابات رئاسية الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تعمل على استكمال عملية النهوض الاقتصادي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وإنجاز الاصلاحات المطلوبة، ويصار بعدها الى اجراء انتخابات نيابية في أجواء استقرار سياسي وأمني واقتصادي متوازية مع تخفيف حدة التوتر في الساحتين الاقليمية والدولية وظهور نتائج الحوارات الاقليمية لا سيما الحوار الايراني – السعودي والمفاوضات لاعادة توقيع الاتفاق النووي الايراني وعلى صعيد الحرب السعودية في اليمن.
لكن الطموحات والتوجهات المحلية، تواجه ارادة غربية بإجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن مصادر مطلعة على الجو الديبلوماسي الغربي لـ”أحوال” تشير الى أن الموقف الأميركي والأوروبي حتى الساحة هو الضغط على الحكومة اللبنانية لإجراء الانتخابات، لكن المصادر تخوفت من تغير في الموقف بسبب انشغال الاتحاد الاوروبي بالحرب الروسية – الأوكرانية والمخاوف من أزمة غاز ونفط كبيرة في أوروبا، ما يُقلص حجم الاهتمام الأوروبي في لبنان، وتتعمق المخاوف في حال توسعت الحرب الى خارج أوكرانيا لتطال المنطقة برمتها بتداعياتها السياسية والاقتصادية ومنها لبنان مع التحذيرات عن أزمة قمح ومحروقات سيحول الأزمة الاقتصادية الى أولوية تطغى على أولوية جراء الانتخابات النيابية.
مصدر سياسي يكشف لـ”أحوال” عن تراجع الاندفاعة الاميركية بملف الانتخابات النيابية في الآونة الاخيرة وذلك بعدما أجرت السفارة الأميركية في بيروت وسفارات خليجية مؤخراً، سلسلة احصاءات واستطلاعات رأي في مختلف الدوائر الانتخابية، أظهرت عجز حلفاء الأميركيين والخليجيين في لبنان بحصد الأكثرية النيابية، وأن أقصى ما يمكنهم تحصيله هو بعض المقاعد النيابية في الساحة المسيحية والسنية بعد انكفاء الحريري ومقعد شيعي لاستثماره سياسياً ضد حزب الله.
هذه النتائج دفعت بالأميركيين بحسب المصدر للتراجع والبحث في جدوى الانتخابات وكيفية استثمارها ضد حزب الله، ولفت المصدر الى أن الأميركيين مهتمون بالانتخابات لجهة كيفية استثمارها في السيطرة على القرار السياسي اللبناني بشكل كامل عبر المؤسسات الاساسية لشد الخناق على حزب الله، ودفع الحكومة المقبلة والمجلس النيابي الجديد ورئيس الجمهورية المقبل للتنازل في ملف ترسيم الحدود.
وتكشف مصادر أخرى لموقعنا أن واشنطن تعمل على خلق كتلة نيابية مستقلة عن الطبقة السياسية تدين لها بالولاء الكامل، وتتكون هذه الكتلة من مختلف الطوائف من ضمنها أغلب النواب السنة بعد وراثة “كتلة المستقبل” وتُشكل ثلث عدد مجلس النواب يمكنهم حينها من تقديم اقتراح قانون لتعديل الدستور في عدة بنود تطال النظام السياسي ويجري التصويت عليه في المجلس النيابي بأكثرية الثلثين بالتعاون مع حلفاء أميركا في لبنان كالقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وغيرهما.
وأضافت المصادر أن الأميركيين سيعملون على تأجيل الانتخابات عبر حلفائهم في لبنان في حال تأكدوا بأن مخططهم لن ينجح وذلك من خلال اشعال فوضى أمنية واجتماعية في الشارع أو حدث أمني يفجر الاوضاع ويخلط الأوراق.
محمد حمية